الاثنين، 17 أبريل 2017

ايامي الفي الدويم (8) - مبيوع جاد الله وبرعي القانون





ايامى الفى الدويم
كتابة تذكارية في الر‘جعي والحنين
محمد امين ابوالعواتك
(8)
مبيوع جاد الله و برعي القانون
ا..
لكل مدينة سودانية ايقوناتها الشعبية الذين هم ملحها وفاكهتها علي السواء ...فجمال ارواحهم هو الذي يصنع هذا التناسق في التضاد ،فعندما يمر شريط ذكرياتهم  تجد نفسك تتبسم مسترجعا تلك المحطات الاثيرة  ، وهو ماحدث بالفعل في وفاة الراحل مبيوع جاد الله  احد ايقونات مدينة الدويم في مجالات مختلفة والذي شيعته دعوات اهل المدينة بالرحمة والمغفرة والرضوان  من كل اركان الدنيا.
اقول في هذه الرجعي والاستدعاء ان الراحل مبيوع ارتبط عند اهل الدويم  بالمواقف الكوميدية ذات الطبيعة الارتجالية التلقائية في سعيه الطبيعي العادي وهو ليس ممثلا او كوميديان بل هي منح ربانية في القبول لدي الناس وقد كان يعمل بهنة (النقاشة) ، اذكر اخر موقف لي مع المرحوم مبيوع كان في زواج في بيت ال احمد يوسف بالحي الثاني وهو منزل اخوتنا عبد الستار و(جنابو) عبد المحمود (شيريا) وكنا وقتها في اخر سنوات الدراسة في مصر وكانت شلتنا حاضرة اذكر منهم متوكل بكري الذي كان يجلس بجواري ومعه الاخ طارق حسين ومجموعه من الأصدقاء وأبناء الأهل وأولاد الحي الثاني، وكانت الحفلة (مدورة) وكعادة شباب تلك الحقبة كان الرقص والفرح يشوبه التهذيب قبل ظهور موضة (الكشف) بقليل والكشف كما شاع من بعد هو التخلي عن ذلك الوقار واطلاق العنان للجسم وبعض الاطراف في مجاراة الموسيقي بحرفية زائدة، وقمنا بعمل حلقة رقصنا الرجاليه مقرونة بالضحك والتعليقات وجلسنا نستمتع بمشاهدة رقص الجانب الاخر وكانت كل اعراس ذلك الزمان علي هذا النحو وكان اهل المغني في الدويم يتصدرهم الراحل ميرغني شنقر وخالد قدوني وعبد الله عبد المولي ومن مبروكة المجاورة الفنان الجيلي الشيخ واخرين.
وكان ان حضر الراحل مبيوع جاد الله وجلس بجوارنا الفة قديمة لمعاكساتنا المستمرة معه منذ الصغر عندما كان يعود الي الحي اخر اليوم (بكامل المزاج) ممارسا لهوايته في قراءة كشف الداخلين الي الجنة او النار من اهل الحي باسماءهم علي طريقة كشف (المهرجلين) المدرسي واحدا واحدا حتي وصوله الي رأس شارع بيتهم ويذيع نفسه في كشف الداخلين الي الجنة ويشكر الله باللغة الانجليزية ويختفي دخولا الي اهله. وفي تلك الحفلة كان مبيوع يمارس هوايته المحببة ايضا  في الكلام الظريف باللغة العربية الفصحي وهو اخر اندماج، وكان ان حضر الي الحفلة بعد ذلك اخي الاستاذ محمد الفاتح وهو معلم قديم متميز خرج العديد من الاجيال  وهو
في مزاج عالي كصاحبنا مبيوع ، وما ان رانا حتي  حضر تجاهنا مباشرة ووقف امامي ونظر الينا بتمحيص واحدا واحدا  وفوجئ بوجود مبيوع في وسطنا بحكم ان اغلب هؤلاء تلاميذه ولعل ما جال بخاطره ولم يقله : (انت المقعدك مع ديل شنو).
وصمت الجميع ومحمد الفاتح ينظر مطولا الي مبيوع دون ان يرف له طرف وهو واقف ومبيوع جالس في الكرسي يفعل مثل ذلك واستمر الامر لمدة ٥ دقائق قبل يبدأ المشهد الدرامي الذي لايزال يضحكنا حتي اليوم ولانزال نستخدم بعض مفرداته
قال الاستاذ محمد الفاتح لمبيوع بلغة دارجة :
(أقوم أديك بونيه باللفت؟

مع حركه خفيفة في جنبه الأيسر
فرد مبيوع عليه الرحمة مباشرة راسما حركته المميزة علي شفته العليا :

لماذا؟ وماهي الخطيئة التي ارتكبتها..
فلم يتمالك الجميع أنفسهم في ذلك الموقف الفكاهي وتعابير الاثنين الجسدية
رحم الله الروح الجميلة مبيوع جاد الله ونعزي انفسنا والاهل بالدويم والتحيه والتقدير للاخ الاستاذ محمد الفاتح ومتعه الله بالصحة والعافية
يا الله ان عبدك مبيوع كان يحسّن ظنه بك في دخول الجنة وأنك عند حسن ظن عبدك فأدخله الجنة.
الاخ الصادق  علم الهدي خبير الموارد البشرية في قطر وهو احد ابناء الدويم البررة قال لي انه زار الدويم بعد غياب طويل من السودان و قابل المرحوم مبيوع  في جامعة بخت الرضا و كان وقتها في زيارة لخطيبته و زوجته الان (ام ايمن) وسلم علي مبيوع  بحرارة (ازييييك يا مبيوع) .. فرد عليه ببرود غريب مما دعي بعض الحضور للتدخل ومعاتبته علي بروده في الرد، قال ليهم (قولو ليهو مامبيوع اسمي هيثم)..
قلت للاخ الصادق بالفعل انه كان معروفا للبعض عندما يمازح ان اسمع (الدلع) الخاص به هو هيثم واحيانا لؤي.
من مواقفه الكوميدية ماذكره الاستاذ عصام عبد الرحمن السيد:
كان مرة في احدي مباريات كرة القدم والتي كان معروفا فيها بلياقته الجيدة وتشتيته للكرة، وكان ان تم الاعتداء عليه في لعبة خشنة  المته للغاية، قال لهم  (قلبتوها كسر) فما كان منه الا وقام بخلع حذاء الكرة  ورماه بعيدا واتاهم يجري حافيا ، وكذلك ما ذكره الاخ ابوبكر ابراهيم الطيب :
 في احدي إجازتهم في مدينة الدويم كانوا يلعبون (الدافوري) وكان مبيوع معهم في فريقهم وتبقت اربع دقائق علي نهاية المباراة وكانوا مهزومين (  ١١ مقابل صفر )  ضحك المرحوم وقال لهم : (شدو حيلكم ان شاء الله بندرن)
وقال لي الصحفي بمجموعة الشرق الاوسط محمود لعوته انه جلس ذات مرة في جدة الي رجل الاعمال صلاح ادريس الذي قال له انه في احدي زيارته للدويم طلب رؤية مبيوع وأسرع البعض لإخباره ان صلاح ادريس يطلبه ففاجأهم : (لو عاوزني يجيني)!!
 الموسوعي عباس لعوته قص علي مؤامرة  تسجيله لفريق الوطن التي حبكها العم الراحل الشيخ محمود واخرين عندما احضروا عجلة جديدة من دكان المغفور له حاج الماظ  له لإكمال تسجيله  فدخل ووقع  وعندما خرج وجد العجلة مقفولة بالمفتاح الذي اعيد لصاحبها!!
الا ان اكثر ما اضحكني هي حكايته مع برعي احمد البشير ( القانون) لاعب
المريخ العاصمي الشهير عندما حضر للعمل في الدويم وطاردته أندية الدويم للتسجيل فيها خاصة قمة المدينة الإشبال والوطن فرفض برعي متسائلا ( البلد دي مافيها مريخ) وكان ان تسجل في مريخ الدويم وزامل مبيوع ولعبا سويا وفي احدي المباريات لعب برعي لمبيوع (باص قون خطير) وقام مبيوع بإهدار الفرصة برعونة شديدة حيث طاشت تسديدته تجاه  (راية الكورنر) بدلا عن المرمي
فقال له برعي : ( ده شنو يا مبيوع )!!
 فعاجله مبيوع بكل الثقة ( الباص غلط يا كابتن)
رحم الله مبيوع كم اسعد الناس حيّا وميتا و تابعت سيل الدعوات له بكل الحب يوم رحيله من اهل الدويم اللهم ارحمه واغفر له وتقبله قبولا حسنا برحمتك يا ارحم الراحمين ولاشك ان أهله وأحبابه لديهم الكثير من هذه السيرة العطرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق