أيامي الفي الدويم
كتابة تذكارية في الر‘جعي والحنين
محمد امين ابوالعواتك
(1)
الدويم الريفية...عودة النهر الي النبع
كنت ضمن مجموعه جميلة ونيرة من ابناء الدويم والتي تقوم
بجهد توثيقي لشخصيات وتاريخ مدينة الدويم او كما يحلو لاهلها (مدينة العلم والنور)
توصيفا وتمييزا ، علي ان الصديق االناقد والاعلامي مصعب الصاوي يفضل استخدام توصيف
(مدينة الاوائل) الذي استهله الهرم الكبير
المغفور له الفكي عبد الرحمن ، وذلك لان اغلب من تولوا (اول) الوظائف الحكومية بعد
الاستعمار في مايعرف (بالسودنة) كانوا من الدويم او من بخت الرضا ، ومثل هذا الجهد
التوثيقي هو الفعل المطلوب من كل اهل السودان وفي كل اصقاعه وصلا لتلك الرباطات
القديمة التي يحتاج الوطن لاعمارها تحقيقا لمقاصد الترابط والوحدة والبحث في ما
يجمع بحب ووفاء وهي مسئولية مجتمعيه مطلوبة، وكذلك يعكس قيم الوفاء ورد الجميل لشخصيات
ورموز تركت بصمتها علي القلوب قبل الامكنة في مدينة صاغت المشاعر والوجدان وقبل كل
ذلك الشخصية وفي كل ماصرنا اليه في الحياة ومستقبل الايام وتصاريفها واقدارها.
وهي تحيي ذلك الرباط القديم
فرغم وجود الاهل والجيرة الطيبة وتلك الروابط المتعددة هناك الا ان هذه
المجموعه ايضا تلامس الاشياء والتاريخ والذكريات ورحلة المسير فيها... من
الابتدائي في بخت الرضا اوغيرها من حواضن البدايات ، مرورا بالثانوي العام في
الدويم الريفية او الدويم الثانويه او في غيرهما من المؤسسات التعليمية التي تحتشد
بها مدينة العلم والنور او مدينة الاوائل، وساتناول في حلقات ذكريات هذه الايام
مستصحبا الانسان والجغرافيا.
لم امكث في الدويم سوي عدد محدود من السنوات واظنها (سبع) تخللتها
سنوات من التنقل وذلك لطبيعة عمل الوالد كمساعد طبي وهو من اوائل الدفعات التي
تخرجت في مدرسة النهر،ومدرسة النهر هي المعهد الموازي لمدرسة كتشنر الطبية وتعني
بتدريب وتأهيل الكوادر الطبية المساعدة في مجالات التمريض والصحة العامة وتوازيها
بام درمان مدرسة المرشدات التي تأسست في اعقاب الحرب العالمية الاولي وتتبع
لمايسمي بالخدمة الطبيه للسودان ايام الاستعمار وهي حاليا وزارة الصحة ، فكانت
نشاتنا محطات من التنقل الدائم في ربوع السودان الكبير وسطا وغربا وجنوبا ، فنحن
ابناء السودان الوطن الكبير تربية واباء وضعوا وشادوا لبنات الخدمة المدنية.. فلم نتعصب لعنصر اوجغرافيا متمثلين بقول الشاعر
...كل اجزاءه لنا وطنا وذلك بعدعودة الوالد من مشاركة خالدة مع قوة دفاع السودان
في الحرب العالمية الثانية في جبهتي شمال وشرق افريقيا ، سنواتي الاولي في الدويم
درست فيها في بخت الرضا الابتدائية في نهر الخليفة ، ولظروف التنقل اكملت سنوات
الابتدائي بمدينة الابيض بمدرسة الابيض الشرقية (ب) الابتدائية ثم السنة
الاولي ثانوي عام في مدرسة الابيض
الاميرية وعن ذكريات الابيض عروس الرمال وايامها الخالدة في الوجدان كتبت من قبل
في صحيفة الوطن وموقع ثقافات ( انا كردفان) كبداية لدفق قادم في الطريق.
رجعت مع الاسرة والوالد (عليه رحمة الله ورضوانه) من الابيض في العام 1979 بعد بداية
العام الدراسي للسنة الثانية ثانوي عام والتحقت بمدرسة الدويم الريفية ، وهي اخر
سنة للوالد في العمل بوزارة الصحة السودانية بعد ان رقي الي درجة مفتش في اواخر
سنوات عهد الرئيس الاسبق جعفر نميري وبنهايتها وتقاعده بالمعاش تعاقدت معه الدولة
بنظام المشاهرة، ونظام المشاهرة هو نظام اداري يقوم علي المكافأة بعد سنوات
التقاعد ويعتمد المرتب الاساسي فقط وقد
اقرته حكومة الحكم الثنائي استثناء للكوادر المتميزة والغي بعد الحكم الوطني
واعاده الرئيس عبود ثم الشريف حسين الهندي.
في اولي سنوات الصبا وشرخ الشباب خضت انتخابات الجمعيات المشهورة في
مدارس معهد التربية بخت الرضا في مدرسة الدويم الريفية العريقة والتي تأسست منذ
العام 1908 ضمن منظومة مدارس معهد
التربية بخت الرضا وقد تخرج منها عدد كبير من الاسماء التي وضعت بصمتها علي الحياة
السودانية ، كما التحق بها اثنان من ملوك المملكة العربية السعودية لفترة وجيزة
كماهو معروف ، وحصلت علي ثالث الاصوات في تلك الانتخابات رغم غيابي عن البلد لفترة
6 سنوات الا قليلا...وهي اصوات اهلتني ان
احصل علي منصب السكرتير العام للجمعيات وكان رئيس الجمعيات الاخ عبد الحليم
السبوعي وكان علي المكاتب الاخري بخاري غانم للثقافه،وغانم قطان للرياضة،وغزالي
ابراهيم الشئون الدينية ، وفخر الدين بشير الاصلاحات،ياسر عثمان للمالية ،عبد
الرحمن عبد الله للزراعه،ومحمد ابوالدهب للموسيقي وانتخابات الجمعيات هي من
التقاليد الراسخة لمدارس معهد التربية بخت الرضا في تهيئة الاجيال لطرق العمل
العام والديمقراطية وبناء التخصص وبناء القادة منذ الصغر ، وهو مجلس وزراء مصغر
يدير شئون المدرسة في برنامج حياة متكامل يبدا مبكرا في الصباح قبل اليوم الدراسي
و يكون عليه احد الاساتذة مشرفا عاما وكان في دورتنا المربي الكبير الاستاذ عبد
المنعم بدوي ، واكاديميا لم اخرج عن ساحة التميز
فيها بجانب النشاط الثقافي فقدمت
برنامج الصباح باللغة الانجليزية مع الاخ فخر الدين بشير في الاذاعه المدرسية
الصباحية وكنت ايضا مقدم برامج الجمعية الادبية وكذلك التمثيل علي مسرح الدويم
الريفية واصدرت منفردا جريدة حائطية اسمها الرياضي ولعبت في الدوري الرياضي بين
الانهر المختلفة وكنت في نمر وهو المك نمر بجانب انهر دقنة والدندر والسوباط ،
ومدرسة الدويم الريفية شانها شأن كل مدارس معهد بخت الرضا تحتوي علي جميع ملاعب
الرياضة المختلفة ومعينات الانشطة الاخري كالجمباز والجله اضافة الي المعامل والمسرح والاذاعة والمزرعه
والنجارة وغيرها.
كان علي قيادة مدرسة الدويم الريفية وقتها مربي الاجيال المغفور له
الوالد احمد محمد عثمان بطريقته المميزة في الادارة والاستاذ سند محمد متولي والذي
تولي ادارة المدرسة بعد ذلك والاستاذ عبد العزيز كورينا والجيل الذهبي من المدرسين
عجبنا كوكو عمار،عبد المنعم بدوي،محمد الفاتح التجاني،النابلسي،خريستو،مصطفي،جعفر
مزمل،عمر البشير،ادريس،علي موسي،ابراهيم المرير وغيرهم من الاساتذة الاجلاء ولا انسي
ايضا الهرم الوالد العم جبارة مسؤول قرع الجرس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق