الاثنين، 17 يوليو 2017

اهل القلوب واهل العقول



محمد أمين ابوالعواتك*
تستغرقني قراءات تقدم بطريقة (نادرة) العلم والمعرفة في عرض فكري (مدهش) يمثل اضافة نوعيه ثرة حافلة بالجديد فتروي الظمأ الذي يفتك ببوار ارض العلوم والمعارف الانسانيه.
الانسان بكليته المترابطة مع العناصر الكونيه الاخري يظل دوما مصدر الدهشة فهو سر الخليقة الالهية البديعة...(تبارك الله احسن الخالقين)..وهو الخليفة...خليفة الله في الارض..(اني جاعل في الارض خليفة)...وهو الذي علمه الله...( علم الانسان مالم يعلم)..وفيه وبه ومنه ...مدينة العلم...سيدي رسول الله عليه افضل الصلوات والتبريكات...لقوله (انا مدينة العلم..)..ووصف القران الكريم الانسان كذلك (..وكان الانسان اكثر شي جدلا)... واقوال اهل العلم والمعرفة...(وتحسب انك جرم صغير وفيك انطوي العالم الاكبر).
 المقارنات بين (أهل القلوب) و (أهل العقول) منذ الغزالي وبن رشد والحديث في ان الوصول الي المعرفه اليقينيه لا يكون الا بالسلوك عند الغزالي  وبالعقل عند بن رشد  مثالا لجدلية الانسان علي مر الزمان  الي واقع اليوم المضطرب في تركيبته (المنهكة) بفعل ترسبات كثيرة نتيجة لانحسار القيم الموجبة الطبيعية التي تعكس (اعتدال) الاشياء...واعتدال الاشياء هو الميزان وهو التوسط فيها والبعد عن منحرفها كما اوضحنا في مقال سبق في تعريف حسن الخلق..الذي هو مقصد الهدي السماوي في رسالاته المختلفة...وصولا الي الاخلاق...وامثلة الاعتدال في الاشياء كثيرة كاعتدال شهر ربيع الذي شهد (مولد النور) من بين شهور السنة من حيث البرودة وشدة الحر وهو امر له دلالاته وهكذا..
والعقل كماهو معلوم بداهة  مناط التكليف عند الانسان...العقل والادراك والفهم... وهو ايضا في نفس الوقت حجاب عند العارفين ..فيقول صاحب (كلية الانسان): ان العقول لاتتسع بمافيه الكفاية لبعض الفيوضات لان العقل لايقبل (مثلا) ان يكون ..الاول هو الاخر...او ان يكون الضار نفسه هو النافع...لذا لم ترد كلمة العقل في القران الكريم قط، انما ورد الفعل المشتق  منها كقوله سبحانه وتعالي(يعقلون).. بل ورد ذكر القلب... الذي قال الله سبحانه وتعالي فيه ايضا في حديث قدسي(ماوسعني ارضي ولا سمائي لكن وسعني قلب عبدي المؤمن) كماورد في مجمع الفتاوي لابن تيميه وتتضح الصورة بعض الشئ بين (اهل القلوب) و (أهل العقول)..في ان يكون مايظنه الناس شرا فيه خير كثير...لان العقل يميل الي رفض مايظنه شرا...(وعسي ان تكرهو شيئا وهو خير لكم)..ولكن اهل القلوب ذات السعة التي اشار اليها الحديث القدسي المذكور فيرون الخير فيما يراه اهل العقول شرا....(وهو خير لكم)..وفوق كل ذي علم عليم.
وتستمر المقارنه بين (اهل القلوب) و(اهل العقول)...في ان اهل العقول يكرهون المصائب لضيقهم اما اهل القلوب فيعلمون ماقاله الحبيب المصطفي علية افضل الصلاة والبركات في حديث معناه ان كل مايصاب به المؤمن كفارة له حتي الشوكة يشكها المؤمن...فلا يأبهون لحوداث الدنيا بل ينظرون الي جانب الخير فيها.. فهم اهل الصبر الذين لايرون لانفسهم فضلا في صبرهم وهم السعداء الذين يعتقدون الخير حتي في المصائب لان علم الخير والشر عند الله سبحانه وليس عندهم... وهذا هو الغيب الذي لايعلمه احدا غير الله... فربما يظنون شرا يكون عند الله خيرا..فلعلهم ومعرفتهم... تركوا لله الاختيار لانفسهم ولسان حالهم يقول( اللهم اقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به) لذلك قل انكارهم لما لايعلمون.. وتركوا الحكم فيه لله ولم يصدروا حكما علي احد بالكفر او الخروج عن الملة.
ما احوجنا لاهل القلوب ونهج الادب والتأدب والكروب والفتن تحاصرنا يوما بعد يوم وصار مانراه بعيدا وتأتينا به الاخبار قديما..واقعا معاشا اليوم...فحاصرنا انفسنا بانفسنا...انما هي اعمالكم ترد اليكم.....لان....وماتقدموا من خير...(للاخرين)....هو حقيقة لنفسك...سيرتد اليك كما خرج منك ..لذا لاتشتكي الزمن ولا الدهر ولا اي شخص اخر..وكما تدين تدان...بل ابدا بنفسك لتغير واقعك....فالامر فيك ومنك واليك...فالدين المعامله...ولم يقل من لاينطق عن الهوي..ان الدين شئ اخر...المعامله وحسن الخلق..لذا يقول اهل البصائر والحكم من( اهل القلوب) النوادر الذين صاغوا مجتمعنا بقيم الاخلاق وارسوا اساسها المتين كامثال الشيخ العبيد ودبدر عليه رضوان الله (صاحب الاداب يكسب لو من التراب) وقال ايضا ( الما بتادب بنحش ويتكدب) وهذه بالتاكيد افادات وخلاصات تجارب انسانيه ممتدةعبر القرون..وهو مايحفظ السودان اليوم وسط هذه الامواج المتلاطمه من الفوضي وعدم الاستقرار..وهو الاخلاق ونهج اهل القلوب... والذي للاسف يتأكل رصيده الان بفعل بعض العوامل والمتغيرات غير الاصيلة وتداخلها مع بعضها ومنها الوافد والذي هو بلا  قلب وعقل ..
ونواصل مع اهل الحكمة من المتأملين في الانسان وكليته المتناغمة مع كل المخلوقات ووصفاتهم للطريق المختصر للوصول للمعرفه اليقينيه.... في قوله :ان الله سبحانه وتعالي قد جعل السبيل للعلم والمعرفة بالتقوي ولم يأمر بغيرها...(اتقوا الله ويعلمكم الله)..فالعلم يأتي تبعا لتقوي الله..والتقوي هذه يبذل الناس مجهودا كبيرا في تعريفها ويسمعوها في كثير من الخطب واحاديث العلماء الا ان المختصر المفيد فيها هو..ترك كل مايخالف الاخلاق ...والنتيجه المباشرة لذلك....يتفتح العقل الانساني ويكبر ويتسع للجميع ويخرج من كل ضيق..(..ومن يتق الله يجعل له مخرجا)..ثم يلزم مرافقة الصادقين ( اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)...فالصدق والاخلاق دوما هي مربط الفرس والمقصد...وبدونها تسقط كل المناهج والافكار مهما اوتيت من قوة دفع تنظيمية او تعبوية او سلطوية..وبين ايدينا كل التجارب من اقصي اليمين الي اقصي اليسار... انظر ايضا الي المجتمعات الاخري التي تسود فيها بعض من  قيم الاخلاق والتعامل والصدق..وكيف انها شادت حضارات وتقدمت رغم نسيبة المعيار..
والانسان الجاهل يدعي الاحاطة بالعلم فيحكم علي افعال الناس وعلي ما اوتو من العلم بفعله هو...فيكفر من اؤتي علما خص به...والله قادر علي ان يفعل..فلم تنقطع الرحمة ولم تتغير الانسانية..لكنها طبيعة الانسان،فالناس اعداء ماجهلوا...وحال اكثر الناس انهم لايستطيعون الصبر علي مالم يعلموا فيبادروا بالاعتراض ثم بالانكار..ناسين او متناسين وقفات التدبر في معجزة النبوه الكبري...كتاب الله... وقوله سبحانه وتعالي للملائكة وهي الارواح المجردة:
(اني جاعل في الارض خليفة..)
وقولهم:
(...قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك..)
والرد الالهي المبين:
(..قال اني اعلم مالاتعلمون)...
بمعني ان علمكم قاصر وما اوتيتم من العلم الا قليلا..
(وعلم ادم الاسماء كلها ثم عرضهم علي الملائكة فقال انبئوني باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين قالوا سبحانك لاعلم لنا الا ماعلمتنا انك انت العليم الحكيم)..
فلو صبر( اهل العقول) علي مالم يعلموا ولم ينكروا علي( اهل القلوب) وقالوا :
(لاعلم لنا الا ما علمتنا)
لكان خيرا لهم.....

*اعلامي وباحث من السودان

الأربعاء، 12 يوليو 2017

حول ٢٥ مايو السلطان (مدحا) او (شيطنة)



حول ٢٥ مايو
السلطان (مدحا) او (شيطنة) 

محمد امين ابوالعواتك

المثاقفات الفكرية التي تتم في بعض المجموعات استفادة ايجابية من وسائل التواصل الاجتماعية يكون فيها احيانا اثراء مفيدا للافكار وتتبلور فيها رؤي جيدة وبخاصة اذا غاب اهل الاقصاء او الافكار المعلبة مع ان الامر لايكون كذلك علي الدوام ، كان النقاش عن ثورة 25 مايو والرئيس الراحل جعفر نميري وتباري تيارات القدح او المدح في تلك التجربة ، والذي اتاح ان أقدم افكارا  تعبر عن رؤية عن الموضوع  كنموذج لتجربة السلطان في عالمنا عبر الازمان.

تظل أزمة السلطان في عالمنا والفهم غير الصحيح لطبيعة أدواره وأدواته  داء مستمرا وهي مرشحة للاستمرار وذلك لطول استمرار وجود هذه الازمة حتي استحقت مطلوبات الاقامة بيننا  ،   فجميع الأجيال الحالية او تلك التي سبقت  ولدت ورضعت من ثدي الموروث والمفهوم عن السلطان والذي بفعل تطاول آجاله صار واقعا فأمن الناس به ايمانا يقينيا ، فشبت وشابت اجيال  علي نفس الأدوار والأدوات المأزومة وغير الصحيحة فهمًا وسلوكا وهي ليست أزمة السودان فحسب إنما  هي أزمة أمة وصفت في القران العظيم بأنها (خير أمة اخرجت للناس) بمقاييس الهدي الصحيح الذي بين أيديها ولم تفقهه بعد !!

 يتساوي هذا الفهم للسلطان بالتأكيد عند الحاكم او معارضيه وأعدائه الذين يجيشون الجيوش او يعدون العدة للتخلص منه سلما او غير ذلك ،  كما يفعل هو ايضا في محاولات التخلص منهم بكل السبل واستئصالهم حتي ينعم بالهدوء ، فادعاء تملك شرعية الصحة لهذا الفهم او ذاك  متشابه في طريقة  الفهم والفعل وكل يري انه منقذ العناية الإلهية ، لكن يفوت علي الكثير  المشيئة الإلهية والتي تمثل إرادة الفعل الحادث والقضاء والقدر الالهي وهو خير الماكرين جل جلاله (....ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتفكرون او يتدبرون للاتباع الصحيح ، وارادة التسليم منا تقتضي القبول وعدم حبس إلية التدبر والتفكر في الماضي الدامع والذي هو تاريخنا وحاضرنا الذي بين أيدينا والتخلي عن كل نقيض لهدي الرسالة المحمدية في (عدم الاكراه) و ( لست عليهم بمسيطر ) و ( لست عليهم بوكيل ) و ( ان الله لايحب المعتدين ) و ( من نظر الي أخيه نظرة تخيفه أخافه الله يوم القيامة ) و(بعثت لاتمم صالح الاخلاق) ولي عنق النصوص في إثبات ان الامر تجبر وسلطان!
 الدعوة للتدبر يتكرر التذكير بها كل مرة للانسان والانتباه لكيفية السير المستقيم تصويبا للامر الي مرجعيته المعصومة سيدي رسول الله والذي هو المجسد لرسالته وقدوتها،  فعندما عرضت قريش  وسلطانها آنذاك علي سيدي رسول الله  صلوات ربي وبركاته عليه ووالديه وآله ان يترك امر ( امر رسالة الاسلام التي مقصدها الأخلاق والمجتمع الفاضل وليس السلطان ) علي ان يجعلوه ملكا اوأكثر مالا ...رفض المعلم الأكبر ومدينة العلم سيدي رسول الله ذلك قائلا:        ( والله لو وضعوا القمر علي يميني والشمس علي يساري ان اترك هذا الامر ما تركته ) و  بالتمحيص الشديد في هذا الموقف وهو خلاصة التدبرالمستفاد رفض ماتقوم عليه الدولة اساسا بل هما قواعدها  الرئيسيّة ...المال والسلطان !!!
من هذا الذي يحدثنا الان بعد كلام من لاينطق عن الهوي سيدي رسول الله  عن السلطان والسيف والاكراه !!! نقبوا سيداتي وسادتي وابحثوا عن هدي الرحمة المهداة في اننا خير أمة أخرجت للناس برسالة بعث فيها للناس كافة ( وما ارسلناك الا كافة للناس ) ..كل الخلق ..لادينين وكفار  ..اهل كتاب..كل أصناف الاخر والاختلاف ..تعاملا بالاخلاق متقدمين نحو المجتمع الفاضل والذي لاجله بعث الله كلماته الرسل عليهم السلام.
بهذا الفهم المعوج المؤسس علي السلطان  وصراعاته نحمل نفسنا بما لانستطيع او لا نطيق او حتي ما لاينبغي..فاصحاب فهم  الديمقراطية او الدين في ان  (السياسة لعبة قذرة) او (السلطان هو الدين) عليهم ان يعلموا ان اي عمل او فعل او جهد يجافي في اسلوبه ومقصده الاخلاق لامحالة سيصيبه البوار ، لايستقيم ان ندعي اختطاف ما لله في الآخرة بادعاء محاسبة خلقه في الحياة الدنيا وكل الخلق والذين رحلوا هم في رحاب الله يفعل بهم ما يشاء ان شاء عذب وان شاء عفي فلأيسال عن ما يفعل جل جلاله..فلا ينبغي لانسان ان يدخل نفسه في هذه المهالك ، ورغم الدماء التي اريقت وتحدث عنها الأخوان فقد عاد الرئيس جعفر نميري بعد الثورة الشعبية التي أطاحت به وهو خارج السودان ..عاد شخصا عاديا وقابلته في اكثر من مناسبة زواج وعزاء وتوفاه الله وشيعه بكل الحب  جمعا غفيرا  من أبناء الشعب الذي ثار عليه  بالامس وهو مقبور في قلب ام درمان  وهو امر جدير بالتدبر...لكن هل يلغي ذلك وجود من عانوا او عذبوا او قتلوا؟ بالتأكيد لا.... فلكل انسان سعيه والله اعلم بالنوايا ( ورب قتيل بين الصفين الله اعلم بنيته) لذا كان ( اكثر شهداء امتي اصحاب الفرش ).
من يتدبر !!
يفوت علي كثير من الناس ان الامر فيه جانب اعمق عندما نقبل علي التقييم ..تقييم اي شي  فنقوم بعزل اثر عوامل اساسية نبه لها الله سبحانه وتعالي في الكتاب الذي لم يفرط فيه من شيئ ، فكثير مما نعانيه من اثر السلطان  فيه جانب خاص بنا وهو اعمالنا  التي ترد إلينا ( كما تكونوا يولي عليكم ) و ( لايغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم )
فلنتقدم الي مدينة العلم بالاخلاق والدين المعاملة وحسن الخلق لنشيد مجتمعه الذي نتفق علي تنظيمه كيف ما نشاء بالحرية علي هدي الاخلاق  والذي ليس متاحا فيه ان ياتينا مدعي مدعيا بانه اشطرنا او هو الدين وبدونه ستنعدم الحياة والامان!
ما احوجنا الي الخلاصات
والتقدم الي الامام..الي قدوتنا المعصومة.

حوار الصفات الوراثية



حوار الصفات الوراثية

محمد امين ابو العواتك
 
▪تابعت مؤخرا  (فيديو) لإحدي بنات بلادي المستنيرات وهو صغير في مدته عظيم في محتواه ومدلولاته ويلخص كثير من المجلدات والمحاضرات والحروف الأبجدية.
▪الأخت (امينة) في تجربتها الشخصية والتي  احسنت في قرارها فيها ان تكون مشاركة  مع محيطها   ومعارفها ،  وهي بفعلها هذا تكون قد قدمت اعظم خدمه انابة عن أبناء وبنات جيلها في  الجهاد الفكري والعلمي المستنير الذي يهدف الي تبديد (الوهم) الذي تعيشه الجماهير والنخب السودانية في صراع قديم متجدد في وجوه مختلفة.
▪الأخت امينة قامت بفحص ال ( دي ان اي)  الخاص بها والذي هو الان بفضل العلم صار يقدم  معلومات تعود الي اجيال واجيال سبقت من الأسلاف لألوف ماضية من  السنوات وبذكاء شاركت عرض النتيجة الخاصة بها كاول سودانية تعلن ذلك للراي العام  والتي أوضحت  فيها جذورها المرتبطة بهذه الارض بنسبة كاسحة واختفاء اثر (مساحيق) الثقافة  بطريقة تؤكد بروز فصيلة دم الهوية (السوداناوية ) الجامعه لكل الشعوب والمجموعات والمتميزة  سمتا وأخلاقا ومزاجا، وهو فعل متنام وقطعا ان تعدت (كرومزومات) السودانية بعض المساحات التي تتجاوز افريقيا جنوب الصحراء الي شمال غرب القارة الافريقية وغرب افريقيا فهو من اثار هذه الحضارات القديمة التي قبلة لكل الشعوب وصارت هي الآخري تحمل جيناتها الوراثية اخلاقا ومزاجا.
▪اجيال هذه البلاد صاحبة الحضارات القديمة  في مناطق مختلفة من جغرافيا هذه المساحة الشاسعة جنوب الصحراء شمالا وشرقا وغربا وجنوبا ووسطا، ومنذ ان انقطع الوصل  بها مع ممسكات هذه الحضارات القديمة ظلت تدور في ساقية  الوهم وادعاءات الشمال والجنوب،العربية والأفريقانية ، الوسط والهامش وغيرها من سمات التصنيف والعنصر والتي هي بكل تاكيد منقطعة ومجافية لمنهج  مرجعية الأخلاق وجمال التنوع الالهي البديع في الخلق والذي هو عند العارفين كثرة في واحدية.
▪لذا كان التاكيد المستمر لخير الخلق صاحب الدين التام سيدي رسول الله عليه ووالديه وآله أعطر الصلوات وأتم البركات حديثا وتجسيدا مستمرا في ( الدين المعاملة ) و ( بعثت لأتمم صالح الأخلاق ) و ( أقربكم مني مجلسا أحاسنكم اخلاقا) و ( ان المرء ليبلغ بحسن الخلق مرتبة الصائم القائم ) ونهيه عن عصبية العنصر ( دعوها فإنها منتنة ) وجمال الهدي في ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم) وما كان الضياع الا بسبب مجافاتنا لهذه المرجعية  االمعصومة والممدوحة بالاخلاق وهدي الأخلاق في كل الرسالات السماوية التي كانت لأجل المجتمع الفاضل.
▪شهدنا منذ ان  وعينا في افريقيا جنوب الصحراء (موطننا المقدس ) ميلا مؤكدا ومزاجية لمنهج الأخلاق  لذا كنّا حضورا مع كل نسخ الهدي السماوي المتتالية في طواعية وسلاسة في كنف القيم  وقامت الحضارات والمجتمعات علي هدي الأخلاق  الفاضلة والتي يمثلها مابين أيدينا من موروث  الفضيلة وماسبق من حاكمية الرأفة وحسن الظن والطوية
والتداخل والتمازج العفوي الطبيعي الذي حدث منذ القدم للمجموعات البشرية في هذه الجغرافيا وثقافة وارث كبير في حالات الاختلاف ايضا ، فالإنسان هو الانسان خيرا كان ام غير ذلك لكن الضابط الأكبر لايقاع الحياة كان عَلي الدوام هوالأخلاق أساس كل حضارة وفي تغييبها خسران كل جهد وعمل.
▪لايساورني أدني شك بالايمان بخصوصية هذه المنطقة وانسانها وقدسية هذه الجغرافيا قديما او في ما ستلعبه في مستقبل الايام، فالكتاب الذي لم يفرط الله فيه من شئ سمي هذه المنطقة (بالوادي المقدس ) في قصة سيدنا موسي عليه السلام والنيل هو من انهار الجنة ، وتأكيد حديثي عن أصالة اخلاق انسان هذه المنطقة أكده قول من لاينطق عن الهوي سيدي رسول الله القائل (بعثت لأتمم صالح الأخلاق ) عندما أشار لاصحابه بالهجرة الي الحبشة وكما هو معلوم فإنها نفس الجغرافيا  وقوله صلوات ربي وبركاته عليه ووالديه وآله ( ان فيها مليكا لايظلم عنده احد(.
▪ كل هدي او دعوة او جهد مخالف لهذه القيم الأصيلة هو بالتأكد (وافد) وغير (اصيل) في هذه المنطقة وزائل لامحالة ولن ينبت في  ارض هذا الوادي  المخصب بالاخلاق فسرعان  ما سيلفظه فيضان هذا (النهر المقدس) ولاشك ان العدد المهول من أبناء السودان والذين يقدرون بالملايين من اضطرهم ضغط الظروف الاقتصادية العمل في مجال التعدين الأهلي قد أتيح لهم ولمعارفهم وأهليهم وهم يمارسون هذا (التمشيط) اليومي  بحثا عن المعدن النفيس في كل رمال وسهول هذا الوادي المقدس ، قد عرفوا وتيقنوا كم هي غنية هذه الجغرافيا بموروثها الأثري والمادي الحضاري، وهذا الفعل هو من أقدار  الله سبحانه و هو  كذلك نداء هذا (الوادي المقدس) لكل النفوس ان انتبهوا وتهيأوا للقادم الأصيل  وهذا هو ما سمعته من  بين ثنايا حروف (امينة) وهي تعلن بروز الاصالة القديمة المتجددة وبشريات )ظهورالروح).