الأربعاء، 13 سبتمبر 2017

مجلس الصحافة والمطبوعات يصدق علي مجلة (مذاق خاص) اول اصدارة سودانية متخصصة في الغذاء والصحة العامة



مجلس الصحافة والمطبوعات يصدق علي (مذاق خاص) اول اصدارة سودانية متخصصة في الغذاء والصحة العامة ويعتمد شركة اكسس  ناشرا لها
صدق المجلس القومي للصحافة والمطبوعات علي ترخيص اصدار مجلة (مذاق خاص) كاول مجلة دورية متخصصة في الغذاء والصحة ادراكا باهمية نشر الوعي والتثقيف بمحوري الغذاء و الصحة وسط قطاعات الاسرة والمجتمع والتعريف بالمائدة السودانية وخصوصيتها وتنوعها المدهش.
قضايا الغذاء والصحة ظلت علي الدوام  في قائمة اهتمامات الاسرة او المجتمعات والدول باهمية تتعاظم يوما بعد يوم  ومجلة (مذاق خاص) تنفتح  علي قوس واسع من اقتصاديات الغذاء زراعة وحصادا ومعالجة وتخزينا وصناعة بعيون المتخصصين والخبراء ومعالجة القضايا واستكشاف الحلول في منتدي الغذاء والصحة  وهي خلاصة تجارب خبرات اجتمعت لربط التغيرات العالمية المتسارعه في مختلف التخصصات مع اصالة الامة والهوية السودانية  المميزة بتنوعها وتعددها و بروئ العلم والتخصص.
دهشة مجلة (مذاق خاص) في تقديم المائدة السودانية وتشكيلات ووصفات اعداد الوجبات السودانية بواسطة الشيف إسعاد ادريس العبيد الخبيرة في اعداد الوجبات الحديثة والتقليدية وتطويرها حيث تقدم  اسرار ووصفات الطبخ لكل الانواع حتي التقليدية منها والمقبلات والحلويات ابتكارا وتجديدا وهي تجربة ومذاق خاص مقدم بحب للاسرة السودانية والعالم  اضافة الي العديد من العناوين الاخري المدهشة تعريفا بالتوابل والخضروات والمنتجات الغابية وانواع الاطعمة الطقسية الاخري وقضايا الصحة العامة المعالجات والحلول.
الجدير بالذكر ان مجلة (مذاق خاص) تصدرها مجموعة اكسس دزاين اند بروموشن كبري شركات الترويج في السودان والتي تمتلك وتدير احدث واكبر مجمعات الطباعه الرقمية وتقدم خدمات ترويج متكاملة وصممت مؤخرا مع الامم المتحدة رسائل الهجرة غير الشرعية  كما احتفلت العام الماضي بشراكتها العالمية الاحدث مع شركة (اكفا) البلجيكية الامريكية ويراس مجلس ادارتها الاعلامي الاستاذ محمد الامين التجاني وينهض بمهام التحرير وامداد المجلة بالمواد العلمية نخبة من المستشارين والخبراء والاكاديمين والعلماء في تخصصات مختلفة في محوري الغذاء والصحة.

الاثنين، 21 أغسطس 2017

الاصيص والنفايات


محمد امين ابوالعواتك

الاصيص والنفايات 
 محمد امين ابوالعواتك
ما اعطاه الله لانسان السودان من تنوع في الخيرات من الشجر والحيوان واشكال المنح الطبيعة كالانهار والسهول والوديان والصحاري والجبال لاتجد له نظير في كل الدنيا، وايات ربك في قرانه المجيد فيها خير الحديث (وان تعدوا نعمة الله لاتحصوها) والتي يحلو تدبرها وانت تستكشف ابعاد الجمال في بلادي.
هل ارجعنا البصر كرتين تدبرنا في جغرافيا بلادي ومناخاتها و العدد الكبير من الانهار الدائمة او الموسمية والبحيرات والخيران والشلالات ومخزونات المياه؟  وفي نوع الثمار من زرع الخضر والفاكهة ومنتجات الغابة السودانية؟ ومثل ذلك من بهيمة الانعام؟
جمال بلادي وسر العطاء الالهي الاكمل لها قد عرفته وعشقته منذ الصغر وانا ابن موظف الخدمة المدنية المنصاع انضباطا (لتلغراف) تنقلاته ثقة في النظام الذي لم يعرف وقتها ولاء سوي الوطن ولم تقبح اخلاقيات خدمته المدنية صغار في النفس وفي الامانة والاهم كذلك مع نظافة جوهر العمل الشغف بنظافة المكان والمحيط اين ماوجد ، جمال بلادي تكحلت عيناي به في بخت الرضا وذلك المعمار الانجليزي الراقي وقبل ذلك تصالح الانسان سلوكا مع البيئة والنظافة واعتناق ثقافتها  في جماليات الطبيعة من الزهور والفن والتشكيل  وجميع انواع الرياضات ، جمال بلادي اعرفه منذ الصغر في بواديها  تلمسا للرزق الحلال من صيد طيور الحبار والقطي وغيرها  وعودتنا عند الغروب الي ذلك البيت الحكومي الصغير في طرف احدي قري بلادي الجميلة، جمال بلادي رايته وانا اقطع وديان  كردفان علي ظهر ذلك (اللوري) وهي تمتد بلا انتهاء ودهشة اشجار التبلدي العملاقة ،جمال بلادي مرسوم في دواخلي كخريف كردفان شمالها وجنوبها وذلك البساط الاخضرالممتد الي اعماق دواخلك والذي تماثله من الضفة الاخري  قضارف الخير وسهول القدمبيلة وشموخ توتيل وجنان النيل الازرق القديم الكبير.
فالخالق اجزل عطاءه لنا في هذه الجغرافيا كما انني لن ازيد افاضة في عراقة انسان بلادي وحضاراتها قديما  في نهر النيل والشمال والتي حكمت حتي فلسطين  وكذلك في دارفور التي كانت تغيث شعوب سنويا في محمل مشهور ولن اتحدث عن اهرامات الاجداد في البجراوية وصناعات مروي وغيرها   ففي الحلق غصة وفي القلب الم...ماذا حدث لنا!!؟
 ولماذا تحولنا الي النقيض؟من اين اتي هذا السلوك البدائي ضد الحضارة والذي صار ثقافة عامة وفوضي في السلم الاجتماعي و ضد النظافة وضد الجمال؟ كيف عاد فينا انسان الغاب ؟ نحن نفتقد اساسيات  التعامل وفقراء جدا في حقوق الاخر وفي الذوق العام والبيئة العامة.
نملا الدين ضجيجا في فهمنا المحدود والمحدد (بوسع فهمنا) للدين ونلبسه القداسة ونحارب به الاخر، وتغيب عنا ادني شعب الايمان في الدين الذي هو المعاملة وحسن الخلق وهي اماطة الاذي عن الطريق..والنظافة من الايمان !!!
 فنحن نكاد نكون في المرتبة الاولي بين الشعوب التي تتحول فيها اصيص الزهور في الشارع العام أوالاماكن العامة الي مكبات للنفايات والاكثر اتلافا وتخريبا للجماليات والذوق العام!!
لدي مساجلات مع الصديق الصحفي الدكتور عصام محجوب الماحي والذي هو مقيم في بوخارست - رومانيا  والتي كانت ضمن  المعسكر الشرقي قبل انتهاء الحرب الباردة وتصدع جدار برلين رغم فدائية  شاوشيسكو، والتي هي من احب العواصم الي قلبي وازورها باستمرار،وكنا نتحدث عن ممارسة الرياضة فقلت له : انتم اهل المهجر سعداء بان استوطنتم في بلاد عرف اَهلها دروب المدنية من زمان بعيد  ، وجسدوا معني الدين المعامله واعتنقوه في الارض.  تحقيقا لمعاني الاستخلاف فصاروا ألفة مع الانسان والحيوان والشجر

وعلي الرغم من شهرة تلك البلاد باشكال متعددة من بديع الخلق الالهي الا انني ادوب عشقا في حدائقها المهولة ومسارات محبي الرياضة وقيادة الدراجات فيها وامتدادات غاباتها البديعة وبحيراتها التي تحيط بالمكان ابداع وصناعه ذلك الرجل الذي شكل ملامح نهضتها شاوشيسكو الذي زرت داره اعجابا بما أنجز لبلاده ولما تركه من اثار وصناعات وعلاقات وحضارة رغم وجود وجهة نظر اخري متعلقة بالحرية وهي اكبر مسالبه..  
اعشق التجوال في تلك الحدائق والتي هي في الحقيقة متعددة الأهداف ففيها المسارح والمعارض والفرق الغنائية والمطاعم والرياضة بكل أنواعها وفيها الزوايا المنعزلة لمحبي المطالعة او التخييم وعشاق المشي والتنزه مع حيواناتهم الأليفة ، لكن ما يشدك بالفعل النظافة  وسلوك الانسان تعاملا مع كل شئ والابتسامات تعلو الوجوه تصالحا مع المحيط والطبيعة. قلت لصديقي مستطردا بانني قد خضت تجربة المشي في شوارع الخرطوم مع صديق اخر في أماكن منعزلة من ارصفة الخرطوم النادرة الوجود والتي ظهرت مؤخرا ، لكن للاسف سرعان ما يقلل من عزمك حالتها  وسلوك الانسان عندنا تخطيطا وتنفيذا وتعاملا..

الارصفة في حالة يرثي لها علي الرغم من انها جديدة وتم إنجازها مؤخرا لكن بدون مواصفة وقد ينتهي بك الامر اذا لم تنتبه في حفرة ما اختفي غطاءها و أوجدت بسبب محاولة تصريف مياه الي مكان ما او لعمل لافتة ضخمة في وسط المدينة ، حتي صارت المدينة غابة من الحديد (الاسكراب) في اكبر عملية (تشويه بصري) متعمد بغرض الجبايات!!
لن اتحدث عن ترف التخطيط للمشأة او اهل رياضة الدراجات والتي اختفت عندنا وسيطرت افة الهند  للقرن العشرين  (التك تك او الركشات) ولا اتحدث هنا عن العامل الاقتصادي المشروع لاصحابها الشرفاء ...بل اتحدث عن فوضي الشارع والترخيص والتخصيص حتي صارت قيادة السيارات معها مستحيلة او حتي رياضة المشي  ، ولا انسي منظر تلال الانقاض او للاسف النفايات امام ذلك البيت الأنيق او حتي محل بيع الاطعمه الذي تصالح منذ مدة مع جيوش الذباب!!
شيدوا مكانا جميلا يتيما بمضمارللرياضة  جوار المطار في الساحه الخضراء لكن بلمحة واحدة للزحمة علي بواباته تكفي لتنصرف عن المكان الذي أصبح ملتقي للاسر والاصدقاء من الذين تتوق أنفسهم الي متنفس في متناول اليد والميزانية (الشهيدة) في وطن المليون ميل الا ثلث!!
جربت كذلك ياصديقي الرياضة في شوارع جانبيه نائية لكن من مسالبها ان لم يكن ظلام المكان رغم توفر أعمدة الإضاءة فقد يكون السبب احد الكلاب التي استوطنت بعض الدور ليلا وينتهي بك الامر بالاحماء مبكرا هروبا في مطاردة ليلية لم تختر جيدا زمنها ومكانها ..
اتذكر في آسي الجمال المهدر الذي اعلمه عن بلادي والذي اجزل فيه الخالق العطاء لنا والذي هو في دواخلي وجدانا وحبا وتمني والاسي سببه التسأؤل عن لماذا؟ والاجابة التي اعلمها ومسئوليتنا فردا فردا عن هذه (الاعاقة الحضارية)  الا ان يقيني يقول لي بان لهذه الجفرافيا الجميلة لم يات من يستحقها بعد!!
واخيرا من ينظف الاصيص الاكبر!

الأحد، 13 أغسطس 2017

إتحاد المهن الوجدانية

دعوة كريمة من الدكتور عبد القادر سالم تشرفت ومجموعه مقدرة من المهتمين بحضور اولى الفعاليات الثقافية لإتحاد المهن الموسيقية في دورته الجديدة بقيادة الموسيقار الدكتور محمد سيف الدين وكانت بحق بداية جيدة وعنوانا موفقا للمحاضرة ( التنوع والثراء في الأغنية التراثية لمنطقة كردفان ) التي أبدع في تقديمها الدكتور عبد القادر سالم وخاصة النماذج الفنيه والفلكلورية المصاحبة، والتي هي لوحدها ابلغ من كثير من الحروف والكلمات.
كتبت من قبل عن كردفان وتراثها وتنوعه وبالفعل أفاض الدكتور عبد القادر سالم في تبيان هذا التراث و هذا التنوع، وعبد القادر سالم بخلاف العلم، رجل متدفق العطاء وقبل ذلك الإنسانية في التألف الحميم مع محيطه ومجتمعه بل والعالم اجمع، لعب أدوارا مقدره في التعريف بالسودان وتراثه الاصيل الذي نشأنا عليه منذ أن لامست أقدامنا ترابه المخصب بالقيم والأخلاق والتعامل السمح ، واستطاع ان يفتح للعالم هذه النافذة المترعه بالقيم والاحاسيس النبيلة التي تتقطر جمالا وحنينا والفة، فأضحت معلما مفارقا لمشهد الحرب والمجاعات والنزوح والأهم بعض قبح ابنائه من الذين بشروا خلاف ذلك ، قولا وممارسة حتى صرنا وسالب الأشياء صنوان فشاهت صورتنا في كل الاصقاع. 
– تحدث الأخ عبد القادر سالم عن (السوداناوية) وتفضيله لها كهوية دون الإنحياز لعرق اوجنس…وهو موضوع تحدث فيه البعض تنظيرا، لكنه هو الذي ظل يبشر به فعلا وجدانياً ويشارك في بناء اساسه منذ وقت طويل، بل هو معلم من معالمه ونموذج باهر له في مجاله وتخصصه بسعيه الدوؤب عبر السنوات في رفد أوردة الوطن ببلازما التعايش وأوكسجين التماذج الوجداني.
– قدمني الدكتور محمد سيف الدين رئيس الإتحاد في مداخله بعد المحاضرة وكانت مناسبة لتاكيد ماذكرته سابقاً في أن من لم يزر كردفان أو إستظل بسمائها فهو غير مكتمل في هويته السودانية، وليس ذلك إنحياز جهويا او نحو ذلك، فأنا من مواليد ( بحر أبيض ) وما ذلك الا أني قد عشت زمانا من صباي الباكر في كردفان بحكم عمل الوالد عليه رحمة الله ورضوانه، وأعلم ما تصبغه كردفان على شخصية الانسان وانها ما هي الا سودان مصغر يجسد المثال الأكمل عن السودان بكل تفصيلاته في توحد طوعي حميم ووشائج لم اجد لها نظيرا.
– حدثتهم عن (دراما) الحوار الوطني، داخلياً وخارجياً، موالاة ومعارضة، وأن ما شهدناه تلك الليلة من نماذج أداء فلكلورية حية من الفرقة المصاحبة تمثل (حواراً وجدانياً) لأنها القيم والعلائق الأصدق والأبقآ لأهل السودان، لما تمثله من رباط حقيقي لممسكات الهوية الوطنية السودانية، فلو نقبنا شمالاً وجنوباً ووسط وشرقاً وغرباً في وجدان أهلنا سنجد أن اصدق العلائق واوشجها في وجدان اهل السودان قد شارك في نسجها عبد القادر سالم واخوانه من مبدعي بلادي في مختلف المجالات الابداعيه الفنية فشكلت المزاج السوداني العام الموسوم بحسن الخلق الذي يمسك وحده في طواعية مع خلاوي الهجوع وحلقات الذكر النبوي الشريف بما تبقي من اطراف الوطن . 
– تقفز وتزاح الحكومات ومنظوماتها السياسية عن السلطة في السودان عبر السنوات والعقود ويظل إتحاد الفنانين او إتحاد المهن الموسيقية في مكانه يؤدي هذه الأدوار الوجدانية العظيمة……ولو امعنا النظر لوجدنا ان أعظم الأدوار التي حفظت وتحفظ الهوية السودانية وممسكاتها الوجدانية يقوم بها هؤلاء الأماجد بمجهوداتهم الفردية الطوعية في ظل انعدام تام للمعينات والتي توجه في الغالب لمناشط يعتقد بأنها الافضل في جاذبية الوحدة ليتضح اخيرا بانها خصم على ممسكات التوحد الطوعي التي يعمل عليها …اتحاد المهن الوجدانية.

* إعلامي وكاتب من السودان
محمد امين ابوالعواتك في تكريم الاستاذ عبد العزيز المبارك

محمد امين ابوالعواتك مع الاستاذ محمود تاور في دار اتحاد المهن في ليلة (مع تاور)

الاثنين، 17 يوليو 2017

اهل القلوب واهل العقول



محمد أمين ابوالعواتك*
تستغرقني قراءات تقدم بطريقة (نادرة) العلم والمعرفة في عرض فكري (مدهش) يمثل اضافة نوعيه ثرة حافلة بالجديد فتروي الظمأ الذي يفتك ببوار ارض العلوم والمعارف الانسانيه.
الانسان بكليته المترابطة مع العناصر الكونيه الاخري يظل دوما مصدر الدهشة فهو سر الخليقة الالهية البديعة...(تبارك الله احسن الخالقين)..وهو الخليفة...خليفة الله في الارض..(اني جاعل في الارض خليفة)...وهو الذي علمه الله...( علم الانسان مالم يعلم)..وفيه وبه ومنه ...مدينة العلم...سيدي رسول الله عليه افضل الصلوات والتبريكات...لقوله (انا مدينة العلم..)..ووصف القران الكريم الانسان كذلك (..وكان الانسان اكثر شي جدلا)... واقوال اهل العلم والمعرفة...(وتحسب انك جرم صغير وفيك انطوي العالم الاكبر).
 المقارنات بين (أهل القلوب) و (أهل العقول) منذ الغزالي وبن رشد والحديث في ان الوصول الي المعرفه اليقينيه لا يكون الا بالسلوك عند الغزالي  وبالعقل عند بن رشد  مثالا لجدلية الانسان علي مر الزمان  الي واقع اليوم المضطرب في تركيبته (المنهكة) بفعل ترسبات كثيرة نتيجة لانحسار القيم الموجبة الطبيعية التي تعكس (اعتدال) الاشياء...واعتدال الاشياء هو الميزان وهو التوسط فيها والبعد عن منحرفها كما اوضحنا في مقال سبق في تعريف حسن الخلق..الذي هو مقصد الهدي السماوي في رسالاته المختلفة...وصولا الي الاخلاق...وامثلة الاعتدال في الاشياء كثيرة كاعتدال شهر ربيع الذي شهد (مولد النور) من بين شهور السنة من حيث البرودة وشدة الحر وهو امر له دلالاته وهكذا..
والعقل كماهو معلوم بداهة  مناط التكليف عند الانسان...العقل والادراك والفهم... وهو ايضا في نفس الوقت حجاب عند العارفين ..فيقول صاحب (كلية الانسان): ان العقول لاتتسع بمافيه الكفاية لبعض الفيوضات لان العقل لايقبل (مثلا) ان يكون ..الاول هو الاخر...او ان يكون الضار نفسه هو النافع...لذا لم ترد كلمة العقل في القران الكريم قط، انما ورد الفعل المشتق  منها كقوله سبحانه وتعالي(يعقلون).. بل ورد ذكر القلب... الذي قال الله سبحانه وتعالي فيه ايضا في حديث قدسي(ماوسعني ارضي ولا سمائي لكن وسعني قلب عبدي المؤمن) كماورد في مجمع الفتاوي لابن تيميه وتتضح الصورة بعض الشئ بين (اهل القلوب) و (أهل العقول)..في ان يكون مايظنه الناس شرا فيه خير كثير...لان العقل يميل الي رفض مايظنه شرا...(وعسي ان تكرهو شيئا وهو خير لكم)..ولكن اهل القلوب ذات السعة التي اشار اليها الحديث القدسي المذكور فيرون الخير فيما يراه اهل العقول شرا....(وهو خير لكم)..وفوق كل ذي علم عليم.
وتستمر المقارنه بين (اهل القلوب) و(اهل العقول)...في ان اهل العقول يكرهون المصائب لضيقهم اما اهل القلوب فيعلمون ماقاله الحبيب المصطفي علية افضل الصلاة والبركات في حديث معناه ان كل مايصاب به المؤمن كفارة له حتي الشوكة يشكها المؤمن...فلا يأبهون لحوداث الدنيا بل ينظرون الي جانب الخير فيها.. فهم اهل الصبر الذين لايرون لانفسهم فضلا في صبرهم وهم السعداء الذين يعتقدون الخير حتي في المصائب لان علم الخير والشر عند الله سبحانه وليس عندهم... وهذا هو الغيب الذي لايعلمه احدا غير الله... فربما يظنون شرا يكون عند الله خيرا..فلعلهم ومعرفتهم... تركوا لله الاختيار لانفسهم ولسان حالهم يقول( اللهم اقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به) لذلك قل انكارهم لما لايعلمون.. وتركوا الحكم فيه لله ولم يصدروا حكما علي احد بالكفر او الخروج عن الملة.
ما احوجنا لاهل القلوب ونهج الادب والتأدب والكروب والفتن تحاصرنا يوما بعد يوم وصار مانراه بعيدا وتأتينا به الاخبار قديما..واقعا معاشا اليوم...فحاصرنا انفسنا بانفسنا...انما هي اعمالكم ترد اليكم.....لان....وماتقدموا من خير...(للاخرين)....هو حقيقة لنفسك...سيرتد اليك كما خرج منك ..لذا لاتشتكي الزمن ولا الدهر ولا اي شخص اخر..وكما تدين تدان...بل ابدا بنفسك لتغير واقعك....فالامر فيك ومنك واليك...فالدين المعامله...ولم يقل من لاينطق عن الهوي..ان الدين شئ اخر...المعامله وحسن الخلق..لذا يقول اهل البصائر والحكم من( اهل القلوب) النوادر الذين صاغوا مجتمعنا بقيم الاخلاق وارسوا اساسها المتين كامثال الشيخ العبيد ودبدر عليه رضوان الله (صاحب الاداب يكسب لو من التراب) وقال ايضا ( الما بتادب بنحش ويتكدب) وهذه بالتاكيد افادات وخلاصات تجارب انسانيه ممتدةعبر القرون..وهو مايحفظ السودان اليوم وسط هذه الامواج المتلاطمه من الفوضي وعدم الاستقرار..وهو الاخلاق ونهج اهل القلوب... والذي للاسف يتأكل رصيده الان بفعل بعض العوامل والمتغيرات غير الاصيلة وتداخلها مع بعضها ومنها الوافد والذي هو بلا  قلب وعقل ..
ونواصل مع اهل الحكمة من المتأملين في الانسان وكليته المتناغمة مع كل المخلوقات ووصفاتهم للطريق المختصر للوصول للمعرفه اليقينيه.... في قوله :ان الله سبحانه وتعالي قد جعل السبيل للعلم والمعرفة بالتقوي ولم يأمر بغيرها...(اتقوا الله ويعلمكم الله)..فالعلم يأتي تبعا لتقوي الله..والتقوي هذه يبذل الناس مجهودا كبيرا في تعريفها ويسمعوها في كثير من الخطب واحاديث العلماء الا ان المختصر المفيد فيها هو..ترك كل مايخالف الاخلاق ...والنتيجه المباشرة لذلك....يتفتح العقل الانساني ويكبر ويتسع للجميع ويخرج من كل ضيق..(..ومن يتق الله يجعل له مخرجا)..ثم يلزم مرافقة الصادقين ( اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)...فالصدق والاخلاق دوما هي مربط الفرس والمقصد...وبدونها تسقط كل المناهج والافكار مهما اوتيت من قوة دفع تنظيمية او تعبوية او سلطوية..وبين ايدينا كل التجارب من اقصي اليمين الي اقصي اليسار... انظر ايضا الي المجتمعات الاخري التي تسود فيها بعض من  قيم الاخلاق والتعامل والصدق..وكيف انها شادت حضارات وتقدمت رغم نسيبة المعيار..
والانسان الجاهل يدعي الاحاطة بالعلم فيحكم علي افعال الناس وعلي ما اوتو من العلم بفعله هو...فيكفر من اؤتي علما خص به...والله قادر علي ان يفعل..فلم تنقطع الرحمة ولم تتغير الانسانية..لكنها طبيعة الانسان،فالناس اعداء ماجهلوا...وحال اكثر الناس انهم لايستطيعون الصبر علي مالم يعلموا فيبادروا بالاعتراض ثم بالانكار..ناسين او متناسين وقفات التدبر في معجزة النبوه الكبري...كتاب الله... وقوله سبحانه وتعالي للملائكة وهي الارواح المجردة:
(اني جاعل في الارض خليفة..)
وقولهم:
(...قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك..)
والرد الالهي المبين:
(..قال اني اعلم مالاتعلمون)...
بمعني ان علمكم قاصر وما اوتيتم من العلم الا قليلا..
(وعلم ادم الاسماء كلها ثم عرضهم علي الملائكة فقال انبئوني باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين قالوا سبحانك لاعلم لنا الا ماعلمتنا انك انت العليم الحكيم)..
فلو صبر( اهل العقول) علي مالم يعلموا ولم ينكروا علي( اهل القلوب) وقالوا :
(لاعلم لنا الا ما علمتنا)
لكان خيرا لهم.....

*اعلامي وباحث من السودان

الأربعاء، 12 يوليو 2017

حول ٢٥ مايو السلطان (مدحا) او (شيطنة)



حول ٢٥ مايو
السلطان (مدحا) او (شيطنة) 

محمد امين ابوالعواتك

المثاقفات الفكرية التي تتم في بعض المجموعات استفادة ايجابية من وسائل التواصل الاجتماعية يكون فيها احيانا اثراء مفيدا للافكار وتتبلور فيها رؤي جيدة وبخاصة اذا غاب اهل الاقصاء او الافكار المعلبة مع ان الامر لايكون كذلك علي الدوام ، كان النقاش عن ثورة 25 مايو والرئيس الراحل جعفر نميري وتباري تيارات القدح او المدح في تلك التجربة ، والذي اتاح ان أقدم افكارا  تعبر عن رؤية عن الموضوع  كنموذج لتجربة السلطان في عالمنا عبر الازمان.

تظل أزمة السلطان في عالمنا والفهم غير الصحيح لطبيعة أدواره وأدواته  داء مستمرا وهي مرشحة للاستمرار وذلك لطول استمرار وجود هذه الازمة حتي استحقت مطلوبات الاقامة بيننا  ،   فجميع الأجيال الحالية او تلك التي سبقت  ولدت ورضعت من ثدي الموروث والمفهوم عن السلطان والذي بفعل تطاول آجاله صار واقعا فأمن الناس به ايمانا يقينيا ، فشبت وشابت اجيال  علي نفس الأدوار والأدوات المأزومة وغير الصحيحة فهمًا وسلوكا وهي ليست أزمة السودان فحسب إنما  هي أزمة أمة وصفت في القران العظيم بأنها (خير أمة اخرجت للناس) بمقاييس الهدي الصحيح الذي بين أيديها ولم تفقهه بعد !!

 يتساوي هذا الفهم للسلطان بالتأكيد عند الحاكم او معارضيه وأعدائه الذين يجيشون الجيوش او يعدون العدة للتخلص منه سلما او غير ذلك ،  كما يفعل هو ايضا في محاولات التخلص منهم بكل السبل واستئصالهم حتي ينعم بالهدوء ، فادعاء تملك شرعية الصحة لهذا الفهم او ذاك  متشابه في طريقة  الفهم والفعل وكل يري انه منقذ العناية الإلهية ، لكن يفوت علي الكثير  المشيئة الإلهية والتي تمثل إرادة الفعل الحادث والقضاء والقدر الالهي وهو خير الماكرين جل جلاله (....ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتفكرون او يتدبرون للاتباع الصحيح ، وارادة التسليم منا تقتضي القبول وعدم حبس إلية التدبر والتفكر في الماضي الدامع والذي هو تاريخنا وحاضرنا الذي بين أيدينا والتخلي عن كل نقيض لهدي الرسالة المحمدية في (عدم الاكراه) و ( لست عليهم بمسيطر ) و ( لست عليهم بوكيل ) و ( ان الله لايحب المعتدين ) و ( من نظر الي أخيه نظرة تخيفه أخافه الله يوم القيامة ) و(بعثت لاتمم صالح الاخلاق) ولي عنق النصوص في إثبات ان الامر تجبر وسلطان!
 الدعوة للتدبر يتكرر التذكير بها كل مرة للانسان والانتباه لكيفية السير المستقيم تصويبا للامر الي مرجعيته المعصومة سيدي رسول الله والذي هو المجسد لرسالته وقدوتها،  فعندما عرضت قريش  وسلطانها آنذاك علي سيدي رسول الله  صلوات ربي وبركاته عليه ووالديه وآله ان يترك امر ( امر رسالة الاسلام التي مقصدها الأخلاق والمجتمع الفاضل وليس السلطان ) علي ان يجعلوه ملكا اوأكثر مالا ...رفض المعلم الأكبر ومدينة العلم سيدي رسول الله ذلك قائلا:        ( والله لو وضعوا القمر علي يميني والشمس علي يساري ان اترك هذا الامر ما تركته ) و  بالتمحيص الشديد في هذا الموقف وهو خلاصة التدبرالمستفاد رفض ماتقوم عليه الدولة اساسا بل هما قواعدها  الرئيسيّة ...المال والسلطان !!!
من هذا الذي يحدثنا الان بعد كلام من لاينطق عن الهوي سيدي رسول الله  عن السلطان والسيف والاكراه !!! نقبوا سيداتي وسادتي وابحثوا عن هدي الرحمة المهداة في اننا خير أمة أخرجت للناس برسالة بعث فيها للناس كافة ( وما ارسلناك الا كافة للناس ) ..كل الخلق ..لادينين وكفار  ..اهل كتاب..كل أصناف الاخر والاختلاف ..تعاملا بالاخلاق متقدمين نحو المجتمع الفاضل والذي لاجله بعث الله كلماته الرسل عليهم السلام.
بهذا الفهم المعوج المؤسس علي السلطان  وصراعاته نحمل نفسنا بما لانستطيع او لا نطيق او حتي ما لاينبغي..فاصحاب فهم  الديمقراطية او الدين في ان  (السياسة لعبة قذرة) او (السلطان هو الدين) عليهم ان يعلموا ان اي عمل او فعل او جهد يجافي في اسلوبه ومقصده الاخلاق لامحالة سيصيبه البوار ، لايستقيم ان ندعي اختطاف ما لله في الآخرة بادعاء محاسبة خلقه في الحياة الدنيا وكل الخلق والذين رحلوا هم في رحاب الله يفعل بهم ما يشاء ان شاء عذب وان شاء عفي فلأيسال عن ما يفعل جل جلاله..فلا ينبغي لانسان ان يدخل نفسه في هذه المهالك ، ورغم الدماء التي اريقت وتحدث عنها الأخوان فقد عاد الرئيس جعفر نميري بعد الثورة الشعبية التي أطاحت به وهو خارج السودان ..عاد شخصا عاديا وقابلته في اكثر من مناسبة زواج وعزاء وتوفاه الله وشيعه بكل الحب  جمعا غفيرا  من أبناء الشعب الذي ثار عليه  بالامس وهو مقبور في قلب ام درمان  وهو امر جدير بالتدبر...لكن هل يلغي ذلك وجود من عانوا او عذبوا او قتلوا؟ بالتأكيد لا.... فلكل انسان سعيه والله اعلم بالنوايا ( ورب قتيل بين الصفين الله اعلم بنيته) لذا كان ( اكثر شهداء امتي اصحاب الفرش ).
من يتدبر !!
يفوت علي كثير من الناس ان الامر فيه جانب اعمق عندما نقبل علي التقييم ..تقييم اي شي  فنقوم بعزل اثر عوامل اساسية نبه لها الله سبحانه وتعالي في الكتاب الذي لم يفرط فيه من شيئ ، فكثير مما نعانيه من اثر السلطان  فيه جانب خاص بنا وهو اعمالنا  التي ترد إلينا ( كما تكونوا يولي عليكم ) و ( لايغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم )
فلنتقدم الي مدينة العلم بالاخلاق والدين المعاملة وحسن الخلق لنشيد مجتمعه الذي نتفق علي تنظيمه كيف ما نشاء بالحرية علي هدي الاخلاق  والذي ليس متاحا فيه ان ياتينا مدعي مدعيا بانه اشطرنا او هو الدين وبدونه ستنعدم الحياة والامان!
ما احوجنا الي الخلاصات
والتقدم الي الامام..الي قدوتنا المعصومة.