الثلاثاء، 20 يونيو 2017

شارلس بونيه



شارلس بونيه
الاستاذ محمد الامين التجاني يكرم البرفسور شارلس بونيه


قديما عندما اختار الكثير من الباحثين وعلماء الاثار الذهاب الي مناطق الكشوفات الاثرية (المضمونة) لضمان العوائد العلمية والبحثية والمادية فضل شارلس بونيه ان يختار السودان وسط دهشة وتعجب الكثير (هناك) لاعتقادهم بعدم وجود شي مهم (هنا) ويحركه ذلك اليقين بوجود( شئ ما) في هذه المنطقة (المحيره) المعروفة جغرافيا اليوم بالسودان.
عندما يجيبك بروفسور مثل شارلس بونيه ردا علي السؤال المتكرر له..لماذا اخترت السودان؟ قائلا.. ان هذا البلد غني....فخلف هذه الاجابة تختبئي كثيرا من المعاني التي  تمتد لخارج المجال ولكنه الانضباط العلمي... ان لا حديث الا بدليل لذا يكون التعبير شاملا ومجملا ومحتشدا بالمعاني والخيارات وفي نفس الوقت مختصرا ، وكما نعلم ان علماء الاثار ليسوا (كاهل التنظير) فهم محكومين بمعايير راسخة ومنضبطة كلمة السر فيها...(الدليل) فالأمر ليس احلام وامنيات بل علم له منظوماته العلمية المترابطة والمتصلة ببعضها بدقة في مختلف بقاع الارض و تبادل كامل للمعلومات والبحوث وبعثات اثرية تكمل جهود بعضها البعض وصولا للعلم والمعرفة.
الحديث عن العلم والمعرفة في الاثار يقود الي الشيخ النيل عبد القادر ابوقرون و كتابه القيم (الايمان بمحمد) الذي يقول فيه ان الانسان بعلم الاثار استطاع معرفة احوال الامم السابقة ويقول فيه ايضا ان علم الغيب ينقسم الي اربعة اقسام ثلاثة منها تتعلق بالزمن وهي ماكان في الزمن الماضي والثاني ماهو في الزمن الحاضر وصار غيبا لبعد مكانه والثالث مايكون في المستقبل اما الرابع فيتعلق بالنفع والضر دون قيد زمني وهذا النوع الرابع هو الغيب الذي لايعلمه الا الله وهو من اختصاص الحق الذي لايقيده الزمان ولا المكان.
اما الثلاث انواع الاخري المتعلقة بالزمن فقد اتاح الله سبحانه العلم بها لبعض عباده بحوله وقوته وقدرته كعلماء الارصاد الذين يحددون مجي الرياح والامطار وكذلك علماء الفلك الذين يحددون الكسوف والخسوف ومد وجزر والاطباء الذين يعرفون الاجنة في بطون الامهات وبعلم الاتصالات استطاع الانسان معرفة مايجري في اي بلد من اقاصي المعمورة فكشف الله ماغاب عنهم بالبعد،فعلم الله سبحانه وتعالي الانسان مالم يعلم وسخر له الاكوان تمهيدا لرقيه ورفعته ، فبعلم الاثار كشف الله لعباده بعض غيب الماضي من تلك الامم مع عدم انكار امكان وجود وسيلة اخري غير علم الاثار لمعرفة الماضي.
تجدني اتفق كثيرا مع البرفسور شارلس بونيه علي ان هذه البلاد التي تسمي الان السودان غنية بل ازيده انها اكثر غني واقول حتي الان لم تبدأ معرفة اهل السودان بتاريخهم (المهول) وعلينا دعم البحوث العلمية والتاريخية وفتح الطريق امام المبادرات المختلفة وضرورة تهيئة المناخ للعلماء منهم وكف اذي بعض المتعطلين عنهم، وقد وفقت ان التقي البرفسور شارلس بوني مرتين وتحدثنا عن كرمة واكتشافاته وتاريخ المملكة الوسطي وعرضت له بعض وجهات النظر واتفق معي اجمالا دون التفاصيل ولكن كعادة علماء الاثار لايقفزون الي النتائج والخلاصات الا بالادلة الحاسمة ولكن خلف بعض الجمل والكلمات تختبئ الكثير من المفاجأت.
وموضوع احتفاء الحضارة الغربية بالبحث والعلماء هو من اسباب تطورها وقيادتها الطويلة والمستمرة للتقدم في كافة المجالات وكذلك متابعتها وتشجيعها وتمويلها المستمر وعدم استعجالها النتائج والصبر علي الاخفاقات ، علي عكس واقع امتنا المزري الذي هو حربا علي العلم والعلماء وحركة البحث وهوس فكري ديني يلقي بظلاله علي الجميع و(المرض المؤسف) حرب المبرزين من ابناء امتنا من الذين فتح الله عليهم بالعلم في مجالات مختلفة فكل الذي يتميز وتصيبه الشهرة بلا (سعي منه) ينبري له مجموعة من اصحاب حظوظ النفس بالملاحقة والاحاطة واشانة السمعة ومحاولات اغتيال شخصيته وهم دوما من الاقرباء او الزملاء او اولاد المنطقة التي ينتمي اليها حسدا من عند انفسهم وكل سوداني تميز واشتهر كان لتواجده لفترة خارج بلاده في ذلك نصيب.
وقصة شارلس بونيه هذه (نموذج) ورسالة كبري توضح (المفارقة) في خدمته الممتدة وصبره طوال خمسون عاما (ومساعدته لنا) في اكتشاف ذاتنا وامجادنا العظيمة بيقينه الكبير فينا وبعض موارده وفي (مقابل ذلك) في الاتجاه المعاكس تماما (نجتهد نحن) بلا استثناء وبكل ما اؤتينا من قوة في (تدمير ماتبقي) من هذه الامة بالسلبية والانانية والتسلط والاقصاء وعدم الاخلاق واحترام الاخر والانغلاق علي الجهوية والطائفية الدينية والاخطرالوصاية باسم الدين ، فنحن الذين نعيق انفسنا ونحاصرها  فالامر مبتداه هنا وليس هناك، فالاسلام كان ديانتنا والرئيس عبود يزور الولايات المتحدة واعلام السودان ترفرف في كل المدن الامريكية وكان ايضا ديانتنا ونحن نستقبل الملكة اليزبيث في الخرطوم  ونختم بالكلام الجميل الذي يرتقي الي مستوي الحكمة وهو ماذكره الشيخ الجليل الانبا ايليا... للاخ الصديق المتميز الاستاذ مصعب الصاوي..ان الجنسية السودانية تكتسب بالميلاد و التجنس او بالعطاء...والاخيرة هي حالة الاخ البرفسور شارلس بونيه.

اعلامي وباحث من السودان*

الداعشي الصغير



الداعشي الصغير..

 محمد امين ابوالعواتك
أدب الإختلاف ظل محبوساً في قبو الإقصاء بفعل النفس والإنتصار للذات حتى إن كانت على غير الحق ، لذا لم تتعلمه الأجيال وظل غائباً عن فضاء ( الحكمه والموعظه الحسنه ) و( لا إكراه في الدين ) فلم تتعرف عليه الأجيال أصلاً ولم نسمع يوماً أن قال أحدهم ( إني على غير الحق ) أو ( أنت على صواب ) أو حتى إعتذار غير مباشر للآخر المعتدى عليه لفظاً أو فعلا، وتتقد وتخبو الخلافات  والعنوان العريض لها الإنتصار للنفس ومايهم هو تفاصيل الإخراج و ان لا يحرح صاحب غلبة حظوظ النفس أو يتراجع  أمام الناس ويتحول الأمر من حركة (فكر)إلى خلجة ( نفس) تحتاج إلى كبار خبراء امراض النفس و بالتالي ينصرف الناس عن الفكر إلى تفاصيل  دراما الحدث و تخسر حركة التطور الفكري وتضيع فرص الإستناره بسبب الإندفاع المباشر نحو تصاريف الأقصاء والقضاء على الآخر، ثم لايلبث أن يتحول الأمر إلى الإستهداف الشخصي وهتافيه تولد فتنناً وهكذا تدحرجت حركة الفكر منذ فترة مبكره خارج المشهد وقبرت بسطوة  أصحاب المارب وحملة سيوف الاقصاء  وظلت ساحاتها وأدواتها وظيفة ودوام عمل يومي لمتعطلين  ضاقت بهم سبل كسب العيش فجندتهم (قوي امراض النفس) في مختلف ضروب الحياة إلا أن أخطرهم من يتدثرون بثياب الدين وهؤلاء هم الذين شوهوا تاريخنا ويقبحون حاضرنا ويفخخون مستقبلنا .
لن نصحو حتي (نهدأ ونتواضع) بان الامر مختطف وان اجيال واجيال تربت وتشكلت ايمانياتها بهذه المعاني لاثر الانظمة علي الثقافة كما ان حركة التدوين قد عانت من التوجهات والضغوطات السياسية مع منعرجات التاريخ والحروبات والفتن حتي تحولنا الي اجهل الامم واظلمها واكذبها واكثرها نفاقا والاخطر ان بداخل كل واحد منا ( داعشي صغير) الا من رحم ربك وكما يقول صديقي دكتور عصام محجوب الماحي اما ان يكبر ويرينا (اضافته الداعشية) او ان يلجم بالعقل والتفسير السليم للدين وحكمته، فلايكفي الدكتور عبد الحي يوسف ان يخرج علينا قائلا(بان حرق الكساسبة لايشبه الاسلام) فذلك معلوم بالفطرة والاهم الذي ننتظره منه ماذا فعلت )انتاجا فكريا( لتبيان خطأ الحجج التي يستند عليها هؤلاء في افعالهم الاجراميةوالتي ليست لديها علاقة بدين او عرف او وجدان سليم؟
واضح باننا قد ضيعنا الامر وضللنا عن المقصد الذي بينه لنا المبعوث رحمة بنا لهدايتنا صلوات ربي وبركاته عليه وهو مكارم الاخلاق والدين المعاملة...فكل القصد كما قال (لاتمم) صالح الاخلاق..في اشارة واضحة لماسبق من الهدي الالهي في رسالات سابقة اتت لخلق المجتمعات الفاضلة علي هدي الاخلاق ولن نصحو حتي نعلم ان الضيق والمساوئ التي نحن فيها ليست وليدة اللحظة بل هي محصلة لكثير من الاسباب المسكوت عنها في (الفكر الاسلامي) والتي تزداد الحاجه كل يوم (للافصاح) عنها وادارة حوار هادئ بعيدا عن كل اقصاء وهي الان تطرق جميع الابواب بعنف غير مسبوق في دلالة كونية لم تسلم منها الدنيا في كل اركانها..
لن يسلم احد طالما ان (مدارس الكادر) ومقرراتها (الفكرية) تخرج كل يوم دفعة جديدة من (الدواعش الصغار) ولن يسلم احد طالما ان هناك الكثير من المشجعين والذين يعتقدون بصحة هذا الفكر (ايمانيا) ولن يسلم احد طالما ان مقصد الرسالات السماوية غائبة عن الافعال والمألات  وتنتهك الحرمات وتضيع الحقوق وهي الابعد عن غايات الاخلاق، والاخلاق لاتتغير لان البعض يعتقد بتطورها ، فهي من الثوابت التي لاتبدل وحتي لايكون الامر استدراجا للهتافيين من الممتهنيين  نقول بان هناك فرق مابين النص والفهم او مابين الدين الالهي والفهم الانساني للدين، فالاول مقدس والثاني غير ذلك وهو اجتهاد يحتمل الصواب والخطأ، وهذا يوضح خطأ الربط والذي (رسخ) بعنف وترهيب للايحاء بان الاثنين شئ واحد فعممت قداسة الاول علي الثاني بقصد لذا يكون التبرير لكل الافعال والمواقف البشرية التاريخية لكل اجتهادات تجاربنا  من خلال شروحات بائسة لاعلاقة لها بعظمة هذا الدين الحنيف ولا بالانموذج الالهي للكمال الانساني متمثلا في خير الانبياء (ص) القائل:
( من نظر الي اخيه نظرة تخيفه اخافه الله يوم القيامة)....هذا في مجرد نظرة اخافت عبدا من عباده فمابالك بالذي يعذب ويقتل بالنار التي لايعذب بها الا الله؟
لقد تخلقت محصلة الجمود الفكري  والحرب لاي مبحث ومنتوج فكري يضع يده علي الجرح النازف هذا المسخ الذي لاعلاقة له باي شئ الا نفسه غير القابله للوصف لامتعاض كل حروف اللغات واللهجات والالسن عن وصفه.

*اعلامي وكاتب

محمد الامين التجاني (ابوالعواتك) في مساء جديد علي قناة النيل الازرق مع الاستاذ صلاح بن البادية